How to deal with difficult people
كيف نتعامل مع أصحاب الطباع الحادة
الحلقة الأولى
أعرف نقسك وأعرف غيرك
سعد عامر
المنارة – 22-11-2009
ليس من السهل أن يتغير ذووا الطبع الحاد من تلقاء أنفسهم فجأة ليصبحوا أرق وألين طبعا ، وليس سهلا كذلك لنغير نحن من طباعهم ، لذلك فنحن من يلزمنا أن نغير من ردود أفعالنا تجاههم . حتى لا يلحقنا منهم الأذى . ولابد لنا من امتلاك بعض المهارات ، وتوفر شيء من الذكاء والحكمة عند تعاملنا مع هذه الفئة من الناس ، فما يريده هؤلاء هو إثارة المشاكل وخلق المتاعب للآخرين . وإذا منحناهم هذه الفرصة ، فسينعكس ذلك سلبا علينا وعلى كل من يصطدم بهم بعد ذلك .
بينما كان مدرس التربية الإسلامية يلقي درسه على تلاميذه ، إذ دخل عليه أحد قدامى المشايخ الذين قضوا بالأزهر الشريف سنوات طويلة على نظامه الأول ، وكان من المولعين بالجدل والنقاش ومحاولة إحراج الوعاظ والعلماء والمدرسين بطرح مسائل غير مطروقة والتعرض لمعان وموضوعات مما تضمنته الحواشي القديمة والتقارير الدقيقة ، وقد حاول هذا الشيخ أن يحرج المدرس أمام تلاميذه وهو يقص عليهم قصة إبراهيم الخليل عليه السلام فسأله عن اسم أبيه فرد الأستاذ قائلا : يا مولانا الشيخ : قالوا أن اسمه تارح وان آزر عمه ، والقرآن يقول إن آزر أبوه ولا مانع أن يكون عمه لاستخدام ذلك في لغة العرب ، وقد قال بعض المفسرين إن آزر اسم للصنم لا لأبيه ولا لعمه ، وان التقدير : إذ قال إبراهيم لأبيه اترك آزر ، أتتخذ أصناما آلهة ، ونطق الأستاذ بكلمة تارح بكسر الراء .
غلاف الكتاب
فلم يدع هذا الشيخ الموقف يمر في هدوء ، فقال : ولكن اسم أبيه تارح بضم الراء لا بكسرها . فرد الأستاذ : فليكن ، وهو اسم أعجمي على كل حال وضبطه الصحيح يتوقف على معرفة هذه اللغة ، والمهم هو العظة والعبرة .
وأراد هذا الشيخ أن يتخذ مع المدرس هذا الأسلوب في كل درس ، فخشي المدرس أن تتحول هذه الدروس إلى حلقات للجدال ، ففكر في علاج الشيخ فدعاه إلى منزله وأكرمه وقدم له بعض الكتب كهدية ، وطمأنه على أنه مستعد لمهاداته بما شاء من الكتب ، فسر الرجل سرورا عظيما وواظب على حضور الدرس والإصغاء إليه إصغاء تاما ودعوة الناس إليه في إلحاح فقال الأستاذ : صدق رسول الله : (تهادوا تحابوا ) ، واستمرت هذه الطريقة ناجحة إلى حين ، وللنفوس تقلباتها .
إن بعض الحمقى الذين يتسببون في استفزاز من حولهم وإثارة أعصابهم لا يتوقفون عن إثارة المتاعب مع كل من صادفهم ولا يهتمون أبدا بمشاعر الغضب والتوتر التي تنتاب ضحاياهم .
فتراهم يمارسون النقد بقصد التجريح والانتقاص من مخالفيهم ولا يترددون في إسماعك فاحش القول إذا اختلفت معهم أو خاصمتهم ، وهم أيضا على استعداد للدخول معك في شجار لا نهاية له إذا لزم الأمر. فان جانبك الحظ وكنت أحد ضحاياهم ، فاجتهد ألا تستسلم لمشاعر الغضب والانفعال التي تصيبك بادئ الأمر، وألا يكون رد فعلك عشوائيا ومتسرعا ، فان ذلك سيزيد الأمر سوءا ويضاعف من معاناتك . وليس المقصود هنا أن تتنكر لمشاعرك وانفعالاتك ، فحالات الغضب التي تعترينا في مثل هذه المواقف هي من طبيعتنا ولا تملك حيالها شيئا ، إنما ما ينبغي مراعاته هو الأسلوب والسلوك الذي نعبر به عن غضبنا . فضبط النفس له اكبر الأثر في تهدئة النفوس وتليين القلوب . (فما دخل الرفق في شيء إلا زانه) ' خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين '
كان أحد الأصدقاء يقود سيارته وسط الطريق المزدحمة ، وفجأة سمع صوت منبه سيارة خلفه ورجل يصرخ بداخلها ويشير عليه بالوقوف ، فأوقف صديقي هذا سيارته ونزل منها فوجد الرجل وقد نزل أيضا من سيارته والشرر يتطاير من عينيه ، فاندهش صديقنا لهذا الموقف وبادر على الفور : صلي على النبي أيها الأخ الكريم ، ولا تدع للشيطان علينا سبيلا ، فنحن أخوة وأهل ، ولا داعي لأن نتشاجر بسبب تافه كهذا ، وأصدقك بأنني لم أنتبه إليك وأنت تقود سيارتك ، ولم أتعمد مضايقتك . وأنا هنا أطلب منك السماح إن كنت أخطأت في حقك . فتأثر الرجل من هذا الكلام ، وانفجر بالبكاء ثم عانق صديقنا ، واعتذر منه بشدة .
يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا
في طريقه لأداء صلاة العشاء في المسجد ، تعثرت قدما أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز برجل لم يره في عتمة الليل كان نائما على عتبة المسجد ، فسقط عمر على الأرض فقام الرجل من نومته وصرخ فيه قائلا : أمجنون أنت ؟ فرد عمر : لا . فهم الحارس الذي كان برفقة أمير المؤمنين بتأديب الرجل ، فنهره عمر ونهاه عن فعل ذلك وقال : دعه فإنما سألني أمجنون أنت ؟ فقلت له لا . فإنما أراد أن يستفزني الشيطان بعزة السلطان .
طالع مقدمة الكتاب
مقالات اخرى للكاتب
الموضوع منقول من المنارة للفائدة
كيف نتعامل مع أصحاب الطباع الحادة
الحلقة الأولى
أعرف نقسك وأعرف غيرك
سعد عامر
المنارة – 22-11-2009
ليس من السهل أن يتغير ذووا الطبع الحاد من تلقاء أنفسهم فجأة ليصبحوا أرق وألين طبعا ، وليس سهلا كذلك لنغير نحن من طباعهم ، لذلك فنحن من يلزمنا أن نغير من ردود أفعالنا تجاههم . حتى لا يلحقنا منهم الأذى . ولابد لنا من امتلاك بعض المهارات ، وتوفر شيء من الذكاء والحكمة عند تعاملنا مع هذه الفئة من الناس ، فما يريده هؤلاء هو إثارة المشاكل وخلق المتاعب للآخرين . وإذا منحناهم هذه الفرصة ، فسينعكس ذلك سلبا علينا وعلى كل من يصطدم بهم بعد ذلك .
بينما كان مدرس التربية الإسلامية يلقي درسه على تلاميذه ، إذ دخل عليه أحد قدامى المشايخ الذين قضوا بالأزهر الشريف سنوات طويلة على نظامه الأول ، وكان من المولعين بالجدل والنقاش ومحاولة إحراج الوعاظ والعلماء والمدرسين بطرح مسائل غير مطروقة والتعرض لمعان وموضوعات مما تضمنته الحواشي القديمة والتقارير الدقيقة ، وقد حاول هذا الشيخ أن يحرج المدرس أمام تلاميذه وهو يقص عليهم قصة إبراهيم الخليل عليه السلام فسأله عن اسم أبيه فرد الأستاذ قائلا : يا مولانا الشيخ : قالوا أن اسمه تارح وان آزر عمه ، والقرآن يقول إن آزر أبوه ولا مانع أن يكون عمه لاستخدام ذلك في لغة العرب ، وقد قال بعض المفسرين إن آزر اسم للصنم لا لأبيه ولا لعمه ، وان التقدير : إذ قال إبراهيم لأبيه اترك آزر ، أتتخذ أصناما آلهة ، ونطق الأستاذ بكلمة تارح بكسر الراء .
غلاف الكتاب
فلم يدع هذا الشيخ الموقف يمر في هدوء ، فقال : ولكن اسم أبيه تارح بضم الراء لا بكسرها . فرد الأستاذ : فليكن ، وهو اسم أعجمي على كل حال وضبطه الصحيح يتوقف على معرفة هذه اللغة ، والمهم هو العظة والعبرة .
وأراد هذا الشيخ أن يتخذ مع المدرس هذا الأسلوب في كل درس ، فخشي المدرس أن تتحول هذه الدروس إلى حلقات للجدال ، ففكر في علاج الشيخ فدعاه إلى منزله وأكرمه وقدم له بعض الكتب كهدية ، وطمأنه على أنه مستعد لمهاداته بما شاء من الكتب ، فسر الرجل سرورا عظيما وواظب على حضور الدرس والإصغاء إليه إصغاء تاما ودعوة الناس إليه في إلحاح فقال الأستاذ : صدق رسول الله : (تهادوا تحابوا ) ، واستمرت هذه الطريقة ناجحة إلى حين ، وللنفوس تقلباتها .
إن بعض الحمقى الذين يتسببون في استفزاز من حولهم وإثارة أعصابهم لا يتوقفون عن إثارة المتاعب مع كل من صادفهم ولا يهتمون أبدا بمشاعر الغضب والتوتر التي تنتاب ضحاياهم .
فتراهم يمارسون النقد بقصد التجريح والانتقاص من مخالفيهم ولا يترددون في إسماعك فاحش القول إذا اختلفت معهم أو خاصمتهم ، وهم أيضا على استعداد للدخول معك في شجار لا نهاية له إذا لزم الأمر. فان جانبك الحظ وكنت أحد ضحاياهم ، فاجتهد ألا تستسلم لمشاعر الغضب والانفعال التي تصيبك بادئ الأمر، وألا يكون رد فعلك عشوائيا ومتسرعا ، فان ذلك سيزيد الأمر سوءا ويضاعف من معاناتك . وليس المقصود هنا أن تتنكر لمشاعرك وانفعالاتك ، فحالات الغضب التي تعترينا في مثل هذه المواقف هي من طبيعتنا ولا تملك حيالها شيئا ، إنما ما ينبغي مراعاته هو الأسلوب والسلوك الذي نعبر به عن غضبنا . فضبط النفس له اكبر الأثر في تهدئة النفوس وتليين القلوب . (فما دخل الرفق في شيء إلا زانه) ' خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين '
كان أحد الأصدقاء يقود سيارته وسط الطريق المزدحمة ، وفجأة سمع صوت منبه سيارة خلفه ورجل يصرخ بداخلها ويشير عليه بالوقوف ، فأوقف صديقي هذا سيارته ونزل منها فوجد الرجل وقد نزل أيضا من سيارته والشرر يتطاير من عينيه ، فاندهش صديقنا لهذا الموقف وبادر على الفور : صلي على النبي أيها الأخ الكريم ، ولا تدع للشيطان علينا سبيلا ، فنحن أخوة وأهل ، ولا داعي لأن نتشاجر بسبب تافه كهذا ، وأصدقك بأنني لم أنتبه إليك وأنت تقود سيارتك ، ولم أتعمد مضايقتك . وأنا هنا أطلب منك السماح إن كنت أخطأت في حقك . فتأثر الرجل من هذا الكلام ، وانفجر بالبكاء ثم عانق صديقنا ، واعتذر منه بشدة .
يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا
في طريقه لأداء صلاة العشاء في المسجد ، تعثرت قدما أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز برجل لم يره في عتمة الليل كان نائما على عتبة المسجد ، فسقط عمر على الأرض فقام الرجل من نومته وصرخ فيه قائلا : أمجنون أنت ؟ فرد عمر : لا . فهم الحارس الذي كان برفقة أمير المؤمنين بتأديب الرجل ، فنهره عمر ونهاه عن فعل ذلك وقال : دعه فإنما سألني أمجنون أنت ؟ فقلت له لا . فإنما أراد أن يستفزني الشيطان بعزة السلطان .
طالع مقدمة الكتاب
مقالات اخرى للكاتب
الموضوع منقول من المنارة للفائدة
الثلاثاء مايو 27, 2014 6:09 am من طرف ناصرعبدالسلام
» ** هل اجد مكانا بينكم **
الثلاثاء مايو 21, 2013 6:14 pm من طرف ALMASA
» صور قديمة لسوسه
الإثنين يناير 07, 2013 8:37 am من طرف بوجواد
» لغتنا العربية هويتنا
الخميس أغسطس 30, 2012 7:48 am من طرف عزيزه
» الشاعر والبير
الإثنين مايو 28, 2012 4:13 pm من طرف المهاجر
» علاج الثوار
السبت أكتوبر 01, 2011 12:20 pm من طرف بتول الساحل
» انتقل الي رحمة الله المرحوم محمد المهدي يوم السبت 23/7/2011
الإثنين يوليو 25, 2011 3:38 am من طرف زهرة الجبل
» تحية لمن يصنعون الحياة
الخميس أبريل 14, 2011 3:09 pm من طرف BENSAUOD
» موسوعه كامله عن زيت الزيتون وفوائده وخصائصه
الخميس أبريل 14, 2011 3:06 pm من طرف BENSAUOD
» القأ تحيه
الخميس أبريل 14, 2011 3:04 pm من طرف BENSAUOD
» عوض السعداوية
الخميس أبريل 14, 2011 2:59 pm من طرف BENSAUOD
» اخبار نادى المنار
الأربعاء يناير 05, 2011 7:29 pm من طرف ولد سوسه
» شكرا ياطارق الوسيع
الأربعاء يناير 05, 2011 7:23 pm من طرف ولد سوسه
» الوعيــــــــــــــــــرى ايريد ترحيب
الأربعاء يناير 05, 2011 7:20 pm من طرف ولد سوسه
» قصيدة (( من وحى سوسه))
الأربعاء يناير 05, 2011 7:18 pm من طرف ولد سوسه
» اخطار اشعاعات الهاتف النقال علي صحة الانسان
الأربعاء يناير 05, 2011 7:15 pm من طرف ولد سوسه
» بعض المعلومات الجغرافية
الأربعاء يناير 05, 2011 7:06 pm من طرف ولد سوسه
» فبــــــــــــــكــــــم نستفيد ؟؟
الأربعاء يناير 05, 2011 6:57 pm من طرف ولد سوسه
» عدم قيام الأعضاء بالرد على بعضهم في المواضيع
الأربعاء يناير 05, 2011 6:52 pm من طرف ولد سوسه
» شواطئ سوسه
الأربعاء يناير 05, 2011 6:46 pm من طرف ولد سوسه
» هذا ما سيحدث لنا عند موتنا...صور معبرة
الأربعاء يناير 05, 2011 6:43 pm من طرف ولد سوسه
» هذه العباره لمن تهديها
الأربعاء يناير 05, 2011 6:36 pm من طرف ولد سوسه
» انا افتقده هل افتقدموه
الأربعاء يناير 05, 2011 6:24 pm من طرف ولد سوسه
» محمد اكريم فى ذمة الله
الأربعاء يناير 05, 2011 5:40 pm من طرف ولد سوسه
» أسئلة ... وجاوبوا بأغنية علم
الخميس ديسمبر 09, 2010 10:52 am من طرف بوعبدالنبى